الصندوق السحري ودوامة العنف!
? عبد العزيز البغدادي
في معركة السباق على السلطة ليس كل المتسابقين أشراراً بالضرورة ، فهناك لصوص وقتلة ومتسلقون للوصول إلى مواقعها بالوسائل غير المشروعة سواءً بالانقلابات التي تستخدم العنف المباشر ومختلف أنواع الانقلابات الخشنة أو بوسائل التحايل والانقلابات الناعمة بكل صورها ، وجميعها تدخل بلا شك ضمن العمل اللا مشروع ، وهناك مجاهدون أحرار ينهضون لإسقاط الأنظمة الظالمة المستبدة والفاسدة الساقطة شعبياً مستخدمة كل طاقتها بدعم من أوصلها إلى الحكم بوسائل الاحتيال المشار إليها ثم تعمل لإقناع الناس بأن الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة هو الصندوق أي صندوق الانتخاب ، وأظنهم يقصدون (الصندوق السحري) الذي استحوذ عليه نظام الفساد على مدى عقود ولا يزال يحاول الإمساك بتلابيبه!؛
صحيح أن من غير الجائز الاستمرار برمي كل أخطائنا وعجزنا واتكالنا على ماضي الفساد الذي لاتزال دولته العميقة تأكل عظام أرواحنا ولكننا كذلك لا يجوز أن نتناسى فساده بذريعة ( اذكروا محاسن موتاكم ) لأننا بصدد شأن عام وكلما يتعلق بالشأن العام من فساد متعلق بالحق العام يعد التهاون فيه خيانة أمانة وليس ضمن أخلاق التسامح لأن المرء لا يتسامح إلا فيما يملك والشأن العام لا يكون العفو فيه إلا لمصلحة عامة مدروسة وفي العقوبات وليس في الحقوق والممتلكات الخاصة أو العامة التي يتوجب على السلطة إلى جانب المحافظة على الموجود استعادة ما نهب منها بكل الوسائل القانونية وهذا من صميم المسؤولية التي حث عليها القرآن الكريم (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمَّا يعظكم به إنَّ الله كان سميعاً بصيراً) سورة النساء آية (58)، ولا يقصد بالأمانة في الآية استحلال المحرمات أو تزوير الانتخابات باسم الإسلام الأمريكي الإرهابي المدجّنْ ولا باسم ثورة 26سبتمبر الضائعة لأسباب منها النفس الطائفي الذي ألبسها إياه بعض المحسوبين على قياداتها ، أو 21سبتمبر إذا لبست نفس اللباس ، ولا باستحلال وتبرير الاستعانة بأعتي أشكال الملكيات والامارات والسلطنات استبداداً وفساداً لمحاصرة اليمن وسفك دماء اليمنيين بحجة المحافظة على النظام الجمهوري ! ولا أي ثورة أوحُلم بالثورة يسير على نفس النهج، فهذا النفس هو المدخل لإضعاف اليمن واستمرار التدخل في شئونه ، الأمانة المقصودة في الآية ببساطة هي الأمانة في القيام بالمسؤولية وفي كيفية الوصول إليها !؛
وتزوير الانتخابات كواحد من أساليب خيانة الأمانة والانقلابات الناعمة على شرعية الحكم مضمونه تزوير إرادة الناخبين ، ويكثر التزوير المباشر بوسائل فجة في البلدان التي لايزال هذا المجال فيها مفتوحاً ويتخذ عدة أساليب مادية ومعنوية ، المادية مثل التغيير في كشوفات الناخبين أو كتابة أسماء غير التي يختارها الناخب أو استخدام المرأة المحجبة في التصويت أكثر من مرة من نفس الناخبات لصالح الشخص المراد إنجاحه واستخدام وحدات الجيش والأمن في التنقل لممارسة الانتخاب في أكثر من دائرة انتخابية وتعيين بعض رؤساء لجان الانتخاب من المسيسين المستعدين للتزوير بالإضافة إلى التأثير على إرادة الناخبين سواءً بالضغوط المادية أوغيرها ووسائل جريمة التزوير والتأثير على إرادة الناخبين كثيرة وقابلة للتطوير حسب ظروف كل بلد كما هو الحال في مختلف الجرائم !!،
ولهذا يبدو أن بلدان العالم وإن بنسب متفاوتة لا تزال تعيش حالة انعدام مشروعية الحكم لانعدام الحرية الكاملة في اختيار الحكام الذين وصلوا إليه إما بالانقلاب الخشن أو الناعم وسواء كانت هذه الانقلابات داخلية أو ممولة من خارج الحدود وهي الأكثر في أيامنا !؛
كما أن أسباب وعوامل الدعم والتمويل الخارجي لا تصب جميعها في خانة واحدة من حيث الأغراض والأهداف والمصالح ، لكنه حين يطغى على إرادة غالبية الشعب ويقف ضد طموحاته في التحرر والسيادة والاستقلال الوطني فإن ذلك هو لب مشكلة المجتمعات والبلدان التي يجري التدخل في شئونها بالمخالفة الصريحة والواضحة لميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية ، فالتدخل في شئون دولة أخرى سواء عسكرياً أو سياسياً أو بالضغوط الاقتصادية أو المؤامرات وخلق تكتلات واستخدام أطراف سياسية داخلية ضد أخرى بهدف إضعاف كل الأطراف في الدولة المتدخل في شئونها بغرض تقاسم النفوذ فيها بين الدولة أو الدول المتدخلة كما هو الحال في تدخل ما يسمى بالتحالف العربي الذي تم تجييره لمصلحة السعودية والامارات اللتان ظنتا بفعل تفريط الحكام السابقين في سيادة اليمن بأنها أصبحت لقمة صائغة وجاهزة للتقاسم هذا التدخل وغيره يتنافى كلياً مع مبادئ القانون الدولية مهما كانت المبررات وظني أن شعب كالشعب اليمني لن يقبل بهذه الوقاحة التي تعد أقسى أنواع الإهانة للشعب اليمني وأوضح علامات المساس بكرامته لأن السلطات في أي دولة يفترض أنها ليست سوى حارس لحماية سيادتها وكرامتها أما أن تلجأ إلى دولة لترهن لديه سيادة البلد فذلك من عجائب هذا الزمن الذي صارت فيه الأسماء عكس المسميات !!؛
والأعجب أن السعودية والامارات اللتان نصبتا نفسيهما بالاعتماد على ما استولت عليه من ثروات الشعوب الواقعة تحت سياط حكمهما حارساً على الشرعية في اليمن ورمزها دمية على شكل كائن بشري تطلق عليه الرئيس الشرعي وفي سبيل هذا العمل الخيري حركت طائراتها وبارجاتها لإعادته إلى الحكم !!؛
ومعلوم أن هذين الكيانين في وجودهما وممارساتهما تفتقدان لأبسط شروط الشرعية أو المشروعية !!!؛
هذا التكوم للبلاهة والمتاهة والغرور
مازال ينخر في البلاد وينبش الحقد الدفين
فحذار ثم حذار من هذا الغفول .