التفاصيل الكاملة لاعتقال نجل اللواء مجاهد القهالي في الإمارات وحبسه في أكثر السجون قسوة في العالم بسبب مواقف والده ضد الحرب

التفاصيل الكاملة لاعتقال نجل اللواء مجاهد القهالي في الإمارات وحبسه في أكثر السجون قسوة في العالم بسبب مواقف والده ضد الحرب

 

– نجل سياسي يمني كبير من أصدقاء الشيخ زائد معتقل في أبوظبي بلا أي جريمة

– بقلم / منير الماوري

هذه القضية التي نكتب عنها دون موافقة من أصحابها، هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وإظهارها للعلن لا يأتي في إطار المكايدات السياسية أو ضمن حملات الاستهداف المقصودة ضد دولة الإمارات العربية  بأي حال من الأحوال، بل إن امتناع أهل القضية عن إثارتها ورفضهم الحديث عنها، عائد إلى تاريخ طويل من العلاقة المتينة ربطتهم بالراحل العظيم زائد بن سلطان.

ما يدفعنا لمخالفة رغبة أقارب صاحب القضية في الامتناع عن إثارتها إعلاميا يعود إلى ثلاثة أسباب:

أولا: أنها تتعلق بتقييد حرية إنسان مظلوم وتهدد صحته وحياته، وهو أمر لا يجوز أخلاقيا السكوت عنه مادام أننا قد علمنا بمأساته.
ثانيا: أننا نرجح بأن أصحاب القرار في دولة الإمارات الشقيقة لا يعلمون بحقيقة القضية أو أن المعلومات التي تم إيصالها لهم كانت خاطئة أو تم إخراجها من سياقها الصحيح لأسباب لا نعلمها.
ثالثا: أن فترة الصمت قد جاوزت أربع سنوات ونيف ولم يعد الانتظار أكثر من ذلك مجديا.

        
تتعلق القضية بالمهندس عبدالفتاح مجاهد القهالي، نجل السياسي اليمني الكبير والقائد العسكري المعروف اللواء مجاهد بن مجاهد القهالي، وزير المغتربين اليمنيين السابق، رئيس تنظيم التصحيح الشعبي الناصري، وهو زميل ورفيق درب الرئيس اليمني الأسبق الشهيد إبراهيم الحمدي، وكانت تربطهما بالشيخ زائد بن سلطان علاقة صداقة شخصية حميمة. ولهذا فإن اللواء القهالي عندما اختلف مع الرئيس علي عبدالله صالح بسبب حرب 1994 ضد الجنوب، واضطر للخروج من اليمن وجد المأوى له ولأولاده في إمارات زائد التي كانت بمثابة الوطن الثاني له ولأولاده حيث عومل فيها كأنه مواطن إماراتي، إلى أن تمكن من العودة إلى اليمن في ٢٠٧.
أما أولاده فقد آثر أصغرهم المهندس ورجل الأعمال المستثمر عبدالفتاح البقاء في الإمارات لأنه جاء إليها عندما كان في عمر الصبا، ونشأ على ترابها فأصبحت جزءا منه وهو جزء منها، وقد تشرب بعادات أهلها واندمج مع تقاليد قبائلها، كما أنه حقق فيها نجاحات من أعمال تجارية وأصبح مستثمرا بارزا يملك مصنعا كبيرا للرخام في إمارة الشارقة وأصبح متفرغا تماما لأعماله التجارية.

في شهر مارس من عام 2015 اندلعت عاصفة الحزم، فأدرك عبدالفتاح أن الحرب ستكون كارثة على وطنه الأصلي ووطنه الثاني على حد سواء لكنه لم يتوقع مطلقا أن تمتد الكارثة لتطاله شخصيا وتطال حريته و تدمر حياته، وتوقف جميع أعماله، وتخطف سنوات من عمره بدون ذنب ارتكبه أو جريمة تسبب فيها.

أسباب الاعتقال:


ولمعرفة جذور وخلفيات الظلم الواقع على عبدالفتاح القهالي لابد من الإشارة إلى أن والده الشيخ اللواء مجاهد القهالي بعد اندلاع الحرب في 2015 ببضعة شهور توجه إلى دولة الإمارات حاملا رسالة من القيادة في صنعاء الى قادة الإمارات وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد، وكانت رسالة سلام ووفاق تضمنت مبادرة لوقف الحرب والقتال والموافقة على الحوار بين كل الاطراف اليمنية في اي عاصمة تختارها دولة الامارات وعلى ان تكون الإمارات راعية لهذا الحوار.
التقى الشيخ مجاهد بعدد من القيادات الاماراتية وأبلغهم بفحوى الرسالة لكنهم كانوا في تلك الفترة مصرين على تحرير اليمن كاملا حسب زعمهم وتحقيق أهداف إعادة الأمل حسب تعبيرهم.
ويبدو أن القهالي نصح من التقى بهم بدافع العلاقة التي كانت تربطه بهم، وبناء على خبرته العسكرية الطويلة بأن الحل العسكري في اليمن سيكون مستحيلا، وأن لا بديل للحوار والتفاهم مع السلطة الجديدة القائمة في صنعاء. ولابد أنه تطرق إلى حقيقة أن سلطة الأمر الواقع في صنعاء تجمعها مع الإمارات قواسم مشتركة من أهمها مواجهة التطرف  الداعشي الذي يضمر الشر لجميع بلدان وأنظمة الجزيرة العربية بلا استثناء.
لم يكن مثل هذا الطرح مقبولا عندما كانت الحرب في أوجها وكان التحالف العربي حينها يحتاج لإخوان اليمن ويطالب الجميع بتحديد موقف إلى جانب التحالف وهو ما يعني بالضرورة أن يؤيد اليمني الحرب على بلاده وهو أمر يستحيل أن يقبل به زعيم يمني في مكانة مجاهد القهالي خصوصا أنه إلى جانب كونه قائدا سياسيا فهو كذلك رمز قبلي يقود قبائل آل سريح وجبل يزيدالمحيطة بالعاصمة صنعاء التي تشكل العمود الفقري لاتحاد قبائل بكيل، كما أن أتباعه وأبناء قبيلته ينظر إليهم في اليمن على أنهم أصلب المقاتلين المنطوين في إطار حركة أنصار الله، وعادة ما يعبر الشيخ عن الموقف الجمعي لأفراد قبيلته وليس العكس. وإذا كان من واجب الإنسان القويم أن يرفض أي حرب أينما كانت فكيف إذا كانت الحرب ضد بلادك أو جزء من بلادك ويطلب منك تأييدها.

على الأرجح أن اللواء مجاهد أبلغ صناع القرار في دولة الإمارات أنه مبعوث سلام يسعى لحقن دماء أبناء بلاده ولا يستطيع أن يلطخ تاريخه بدماء اليمنيين كما فعل بعض قادة الأحزاب اليمنية ممن يطلق عليهم في اليمن صفة ”المرتزقة“.
لا نعرف على وجه التحديد ما دار من حوارات بين الزائر الضيف مع مضيفيه ولكن الشيء المؤكد من مصادر موثوقة أن نجله المهندس عبدالفتاح كان يرافقه في جميع لقاءاته، وكان وقتها مديرا ومالكا لمصنع الماسة للجرانيت والرخام في الشارقة، ولولا أن الزائر هو والده لما أقحم نفسه في لقاءات ذات طابع سياسي بعيدة كل البعد عن مجال اهتمامه، ولكن والده كان بحاجة لمن يثق به لمساعدته في تنقلاته داخل الدولة التي يزورها، وهو الدور الذي تولاه عبدالفتاح بدون زيادة ولا نقصان.

بعد مغادرة والده بأيام وعلى وجه التحديد يوم التاسع من شهر أغسطس 2016 فوجيء المهندس عبدالفتاح  بأختطافه وبعد انقطاع أي معلومات عن مصيره جاؤوا به إلى منزله مكتفا ومحاطا بجنود القوات الخاصة، ولكن الهدف لم يكن إعادته إلى أسرته المرعوبة من اختفاء عائلها، وإنما بغرض تفتيش المنزل واخذ كل مافيه من اجهزه وكمبيوتر وتلفونات وأجهزة الكترونية وكل مافيه من اوراق ووثائق وممتلكات.
وتقول مصادر مقربة من أسرته أنهم حققوا معه ومع زوجته في المنزل لاكثر من اربع ساعات وذهبوا به بعد ذلك الى المصنع ودخلوا المصنع باكثر من اربعين عنصرا مسلحا وصادروا كل مافيه من اجهزه وتلفونات وغيرها، وافزعوا العاملين الذين فر معظمهم كل الى بلاده او الى مدن اخرى غير الشارقة.

أكثر السجون قسوة في العالم


أما المصنع فقد تم تركه مفتوحا على مصراعيه لمن هب ودب فيما تم اصطحاب مالك المصنع المهندس عبدالفتاح الى سجن الرزين في صحراء ابوظبي وهو من أكثر السجون قسوة في العالم حسبما يقال، وتم اخفاء المهندس عبدالفتاح فيه تحت التعذيب الجسدي والنفسي لأكثر من ثلاثة شهور، وبعد ذلك نقلوه الى سجن الوثبة في ابوظبي الذي أمضى فيه أكثر من أربع سنوات.
وفي الشهور الأخيرة جرى حجب الهاتف عنه وانقطع تواصله مع أسرته بعد أن كان يتواصل معهم كل اسبوعين.
في يوم الثلاثين من نوفمبر اتصل عبدالفتاح بأسرته مجددا وأبلغهم بانه قد تم إحالته الى المحاكمة.
وبالفعل مثل عبدالفتاح في  منتصف نوفمبر الماضي أمام أحد القضاة، حيث كان القاضي نفسه مستغربا بقائه في السجن لأربع سنوات دون محاكمة، غير أن القاضي اعترف بأن ملف عبدالفتاح موجود لديه منذ سنتين.
وقال له القاضي الذي لم نتمكن من معرفة اسمه: انت متهم بالسعي والتخطيط لامداد الحوثيين بالسلاح وكان رده أنا لست حوثيا ولا أعرف عن السلاح شيئا، وانا رجل اعمال ومهندس مدني ليس لي اي مسعى من هذا النوع.
سأله القاضي هل لديك محام ام نعين لك محاميا فقال لهم شكرا انا سابحث عن محامي، وطلب عبدالفتاح منهم نسخة من ملف التحقيق من اجل ان يطلع عليه ويبحث عن محام لكن القاضي على ما يبدو أنه مبرمج على سيناريو معد مسبقا لمحاكمة تلفيقية كيدية ولا نعلم ما هي نواياهم بالضبط ولا ماذا يريدون ان يحكمون عليه.

ما نعلمه فقط هو أن الأجهزة الأمنية الإماراتية تخضع لمؤامرة تظليل متعمد وغير مباشر من جانب  المغرضين والحاقدين والمتطرفين وتجار الحروب بغرض إشغال تلك الأجهزة بقضايا كيدية هامشية الأمر الذي يحقق هدفين في آن واحد الأول هو إبعاد تلك الأجهزة إلى حد ما عن مهامها الأصلية في محاربة التطرف والانحراف الديني والخطر الاخواني، والثاني وهو الأهم هو تشويه سمعة  الإمارات كدولة وتوريط مسؤوليها في قضايا انتهاك لحقوق الإنسان يجري الإعداد لإثارتها دوليا بمساعدة بعض الدول التي تربطها بالإمارات علاقات عداء وخصومة.
ولكن كيف تمكن الإخوان من تظليل الأجهزة الإماراتية رغم خلو تلك الأجهزة تماما من نفوذهم أو من أي وجود لهم في مواقع صنع القرار بها؟
الإجابة على هذا السؤال حصلنا عليها من مصدر المعلومة ذاته الذي لا يود الإفصاح عن اسمه، حيث يوضح ذلك بقوله إن تنظيم الإخوان المدرج في قوائم الإرهاب بأكثر من دولة، استطاع أن يستغل التعاون الأمني ومشاركة المعلومات بين دول الخليج وعلى وجه الخصوص بين المملكة العربية السعودية والإمارات، فعمد إلى ضح معلومات مظللة لأجهزة الأمن السعودية خصوصا في قضايا يدرك التنظيم أنه سيتم إبلاغ الإمارات بها، وبالتالي وصل إلى هدفه دون أن يلتفت أحد إلى حقيقة أن الإخوان تربطهم بأجهزة الأمن السعودية علاقة اختراق متبادلة من الرأس حتى أخمص القدمين.
ومن المعروف أن إخوان اليمن يعتبرون الشيخ مجاهد القهالي خصما قويا لهم إن لم يكن عدوا وهدفا لهم على مدى الأربعين سنة الماضية، ولكن هذا موضوع آخر يطول شرحه، والأهم منه هو أن تبادر أجهزة الإمارات إلى تخليص نفسها من أعباء القضايا العبثية التي لا فائدة منها وأن تركز على عدوها الحقيقي وعناصره الخطرة فعليا، وتفرج عن أصدقاء بلادها والمستثمرين الأبرياء فيها.
إن بقاء شخص مثل عبدالفتاح القهالي في سجون الإمارات يوما واحدا إضافيا بعد أن علم بقضيته صناع القرار أمر يدعو للأسف، فضلا عن أن قضايا مثل هذه غالبا ما تضر بمصالح الإمارات وسمعتها وربما تهدد حياة مواطنيها وتجعلهم في خطر ماحق حاليا ومستقبلا سواء في اليمن أو في غير اليمن.

ولكن قد يقول قائل إنه من وجهة النظر الإماراتية سياسيا وقانونيا، فإن موقف المعتقل المعارض للحرب التي تشارك فيها الإمارات يجعله في موقع المساءلة ويبرر اعتقاله وسجنه، فما هو الرد على ذلك.
 الرد في منتهى البساطة أن أربع سنوات اعتقال أكثر من كافية كعقوبة على وجهة نظر، أما المبالغة في إنزال العقوبات على المواقف الخالية من الأفعال والعارية من أي أدلة مقنعة هو ظاهرة جديدة أقل ما يقال عنها أنها ليست من شيم أولاد زائد ولم تكن يوما من شيم والدهم.
ندعو الله أن يجعل لكل ذي ضائقة مخرجا إنه على كل شيء قدير