تحالف الشر .. في صراع مفتوح تحرّكه المصالح والاطماع !!
لم يعد خافيًا أن ما كان يُسمّى بـ تحالف دعم الشرعية في اليمن قد دخل مرحلة غير مسبوقة من التصدّع العلني، بعد سنوات من التوافق الظاهري بين السعودية والإمارات. فحلفاء الأمس، الذين خاضوا الحرب والعدوان على اليمن تحت عنوان واحد، يجدون أنفسهم اليوم على طرفي نقيض، في صراع مفتوح تحرّكه المصالح والاطماع ، وعلى رأسها ثروات اليمن وموقعه الجيوسياسي، وخصوصًا في حضرموت.
خلال الساعات الماضية، تداولت مصادر إعلامية وسياسية تقارير عن تصعيد خطير تمثّل في استهداف سلاح الجو السعودي – وفق ما قيل – شحنات عسكرية مرتبطة بالإمارات، كانت في طريقها من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا. وبغضّ النظر عن دقة التفاصيل، فإن الأخطر من الحدث نفسه هو ما تلاه : تغيّر نبرة الإعلام السعودي، وتحديدًا قناة العربية، التي بدأت بإيصال رسائل سياسية واضحة تتهم أبوظبي بدعم مشاريع انفصالية تهدّد الأمن القومي السعودي، عبر رعاية مايسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
هذا التحوّل لم يكن متوقعًا قبل أسابيع قليلة فقط. فتحالف الشر السعودية والإمارات كانتا تُقدَّمان نفسيهما بوصفهما جناحي التحالف في اليمن .
غير أن الواقع أثبت أن وحدة الهدف كانت مؤقتة، وأن الخلاف المؤجَّل انفجر عند أول تضارب حقيقي في المصالح، خصوصًا مع توسّع النفوذ الإماراتي في جنوب اليمن، ومحاولات فرض أمر واقع في محافظات استراتيجية مثل حضرموت والمهرة .
تبدو الرؤية السعودية لليمن مختلفة جذريًا عن الرؤية الإماراتية .
الرياض تريد يمنًا موحّدًا، لكن بسلطة تدور في فلكها السياسي والأمني .
أبوظبي، في المقابل، لا تخفي رهانها على تفكيك اليمن : شمال محاصر ، وجنوب خاضع لنفوذها المباشر، بما يضمن السيطرة على الموانئ والثروات وخطوط الملاحة .
اللافت أن الإمارات تصرّفت، خلال السنوات الماضية، باعتبارها محمية بغطاء دولي، ما شجّعها على التمدّد بهدوء وبناء شبكات نفوذ عسكرية وأمنية محلية.
لكن المعادلة الإقليمية تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تضحي بالسعودية، الشريك الأهم استراتيجيًا، من أجل أبوظبي، مهما بلغت طموحاتها.
المشهد الحالي يشي بأن الصراع مرشّح لمزيد من التصعيد، سواء عبر :
ضغط سعودي لإجبار الإمارات على التراجع وسحب دعمها للقوى الانفصالية ،
أو استمرار أبوظبي في سياساتها، ما يفتح الباب لمواجهة أوسع على الأرض اليمنية، تبدأ من حضرموت ولا يُعرف أين تنتهي .
وفي الحالتين، فإن الخاسر الأكبر هو اليمن، الذي تحوّل من ساحة مايسمى “دعم شرعية” إلى ساحة تنازع نفوذ، تُدار فيها المعارك باسم اليمن وثرواته، لا من أجل شعبه ووحدته.
إن ما يجري اليوم ليس خلافًا عابرًا بين دولتين حليفتين ، بل لحظة مفصلية في مستقبل التحالفات العربية، تكشف كيف تتحوّل الشعارات الكبرى الزائفة إلى أدوات مؤقتة ، وكيف تسقط الأقنعة عندما تصل الأطراف إلى لحظة اقتسام الغنائم .
تحالف بدأ تحت عنوان واحد… وانتهى إلى صراع مكشوف على اليمن.
والسؤال الذي يبقى محيرآ :
كم سيدفع اليمنيون ثمن هذا الانكشاف ؟
