إلى أين؟! بقلم: زينب الشهاري

أصبحت الثقافة الغربية و السعي نحو التشبه بتلك النماذج و القدوات الأجنبية هو السائد في مجتمعات لم يعد لها من العروبة و الإسلام إلا الاسم فقط في مسار تم توجيهها نحوه بكل دقة، لم يكن هذا الانسلاخ و التفسخ بالحدث الطارىء و لم يصنع ليخص جيلا واحدا فحسب، و إنما كان نتيجة عمل دؤوب و متواصل شاركت فيه دول الاستكبار مع أنظمة زرعتها في قلب الأمة لتصل الى هذه النتائج التي نعايشها اليوم و بكل أسف ، فكل سياسات الدول العربية تم رسمها وفق رغبات و مصالح دول الاستكبار العالمي، و أصبح المسيطر و المتحكم الأول هي أمريكا و من ورائها إسرائيل، فلا ينصب في موقع القرار و لا يتسلم مقاليد الحكم إلا من توافق عليه بعد إعلان الولاء المطلق لها و تنفيذ كل ما تطلبه و هكذا تم تمييع الشعوب و قبولها لكل ما يأتيها من الخارج بل و العمل على نشره و دعمه من خلال المؤسسات المختلفة لهذه الدول الأمر الذي استهدف الأمة الإسلامية في قيمها و مبادئها و عمل على نشر الفساد الأخلاقي و مسخ الهوية و إضاعة معاني الإسلام الأصيلة و نشر الإجرام و أباحة القتل و الذبح إما بنشر الجماعات التكفيرية و داعش التي تحركت تحت عباءة الدين الذي جردوه من معانيه السمحه و ألبسوه التعصب و التشدد و التكفير و الإرهاب ففجروا و قتلوا بأبشع الأساليب و دمروا باسم الإسلام و هذا كان نتاج عصور طويلة مضت رضي فيها المسلمون بأن يتولاهم شرارهم بعد أن انحرفوا عن وصية الرسول الأعظم، او من خلال نشر الفسق و المجون باستخدام أيضا الورقة الدينية و من يبيحها من رجال الدين و علماء السلطة رغبة في التميع و تعللا بالانفتاح و التحضر و ذلك بإباحة كل المحظورات من خلال استخدام الحرب الناعمة التي تدجن العقول و تعبث بالقيم و تفتك بالنسيج الاجتماعي ليتحكم أعداء الأمة بها و يسهل عليهم بعد ذلك احتلال أوطانهم.
و علاوة على كل ذلك سخرت هذه الأنظمة العميلة ثروات الأمة لأعدائها من خلال تنشيط التجارة معهم و استيراد منتجاتهم التي تنعش اقتصادهم و تجعل من بلاد المسلمين سوقا استهلاكية تعتمد على الغير فلا تسعى لتطوير او ازدهار او تصنيع، أو من خلال شراء الأسلحة التي وجهوها الى صدور المسلمين في شتى الأوطان كالعراق و سوريا و اليمن و ليبيا و غيرها إما بنشر جماعات تكفيرية أو إقامة تحالفات و شن حروب أو بنشر الفوضى و عدم الاستقرار في تلك البلدان ، و هكذا شاهدنا الحروب تعم البلدان و تهلك الإنسان، فما نراه اليوم من كوارث حلت بالأمة و أصبح المدافع عنها غريمها، و الباحث على تجديد معاني العزة و الكرامة لها محارب و إرهابي و تغيير كل المصطلحات و تبديل كل المعاني نتائج طبيعية لتخريب انتشر و تعمق و استفحل، و هكذا الى أن وصلنا الى موجة التطبيع العلني الذي أصبح جهاراً عياناً و استقبال قيادات و وفود صهيونية و توطيد العلاقات معهم و الذي أصبحت تتسابق و تفتخر به أمة الإسلام و شعوبها الصامتة الراضية المستعمرة بشكل غير مباشر في كل المجالات… و ماذا بعد يا امة الإسلام و إلى أين؟!